شرب الماء من أجل التخسيس: خرافة أم حليف فعلي للرشاقة؟

في بلد مثل تونس، حيث تتعايش الحرارة المرتفعة مع نمط غذائي متوسطي يومي، يُعتبر الماء – وعن حق – عنصراً أساسياً لا غنى عنه للصحة.لكن، هل يمكن للماء أن يساعد أيضاً على فقدان الوزن؟ تشير العديد من الدراسات العلمية إلى أن شرب الماء بانتظام قد يشكّل دعماً فعّالاً لأي برنامج للتخسيس، بشرط فهم دوره وحدوده جيداً.
فكرة خاطئة: الماء لا "يذيب" الدهون
خلافاً لبعض المعتقدات الشائعة، لا يؤثر الماء مباشرة على عملية حرق الدهون. فهو لا "يُذيب" الكيلوغرامات الزائدة بطريقة سحرية.
ومع ذلك، يعمل الماء بشكل غير مباشر على عدّة آليات تساهم – إلى جانب نمط حياة متوازن – في تسهيل فقدان الوزن.
من أبرز فوائده الموثقة تأثيره على الشعور بالشبع. فقد أثبتت دراسة نُشرت في مجلة Obesity عام 2010 أن الأشخاص الذين شربوا نصف لتر من الماء قبل 30 دقيقة من وجباتهم استهلكوا سعرات حرارية أقل مقارنة بمن لم يفعلوا ذلك.
والنتيجة: فقدان أسرع للوزن، دون اللجوء إلى حمية قاسية.
استهلاك طفيف للسعرات لكن فعلي
يمكن لشرب الماء البارد أن يحفّز عملية الأيض، إذ يحتاج الجسم إلى تسخينه ليتناسب مع حرارته الداخلية، مما يزيد قليلاً من الإنفاق الطاقي.
بالأرقام: نصف لتر من الماء البارد يُحرق حوالى 24 سعرة حرارية. قد لا يبدو ذلك كثيراً، لكن على المدى الطويل يمكن أن يحدث فرقاً.
يساهم الترطيب الجيد في دعم عمل الكليتين والكبد، وهما العضوان الأساسيان في التخلص من الفضلات والسموم والزوائد. كما يساعد أيضاً في الحد من احتباس السوائل، وهو أمر شائع خصوصاً لدى النساء، وغالباً ما يُخلط مع زيادة الوزن.
التوصية العامة تقترح شرب ما بين 2 إلى 2.5 لتر من الماء يومياً. إلا أن هذا الاحتياج يختلف حسب العمر، والنشاط البدني، والمناخ، والوزن.
طريقة بسيطة لتحديد الكمية المناسبة هي احتساب 30 إلى 35 ملل لكل كيلوغرام من وزن الجسم. على هذا الأساس، من يزن 70 كلغ يحتاج إلى ما بين 2.1 و2.4 لتر في اليوم.
الحذر من الإفراط
شرب كميات مفرطة من الماء خلال وقت قصير يمكن أن يؤدي إلى اختلال في توازن الصوديوم في الدم، وهو ما يُعرف ب"نقص صوديوم الدم"، وهو اضطراب نادر لكنه قد يكون خطيراً. لذلك يُنصح بتوزيع شرب الماء على مدار اليوم.
في السياق التونسي، حيث يمكن أن تؤدي الحرارة العالية والغذاء الغني إلى الجفاف ونوبات الجوع المفاجئة، يُعتبر تبنّي عادة شرب الماء بوعي استراتيجية فعّالة.
إنها وسيلة بسيطة، مجانية، ومن دون آثار جانبية. كوب من الماء قبل كل وجبة، زجاجة ماء في متناول اليد دائماً، والاستماع لإشارات الجسم، كل ذلك يمكن أن يُحدث فرقاً ملموساً.
شرب الماء وحده لا يؤدي إلى التخسيس، لكنه يساعد على فقدان الوزن من خلال تقليل الشهية، وتعزيز الأيض، وتسهيل التخلص من السموم.
وفي إطار مقاربة شاملة للصحة والرفاه، يظل الماء أداة طبيعية وبسيطة ومجانية لا ينبغي الاستهانة بها.
تعليقات